بسم الله الرحمن الرحيم
اقتباس من بيانات الإمام ناصر محمد اليماني
{ فهنا برهان التوبة الحق، ويرفع عنه الحد سواء حد قتل أو حد سرقة أو حد زنى أو أي حد من حدود الله، غير أنه لا يرفع عنه حق البشر المادي فعليه إن كان قاتلا أن يسلم الدية إلى أولياء المقتول، وليست دية الخطأ بل دية القتل عمدا، وإن كانت سرقة فليعد المسروق إلى أهله، وذلك برهان التوبة على الواقع لو كنتم تعلمون } ...
{وكذلك سرقة الطعام الجاهز من قبل المساكين ليشبعوا جوعهم فيتم التحقيق في قضية السرقة فإن تبين أنهم مساكين لا يجدون ما يأكلون فهنا لا يجوز إقامة حد الله عليه؛ بل يعطى قيمة الطعام من بيت مال المسلمين. ولو كانت هناك عدالة في مصارف بيت مال المسلمين ورحمة لما سرق المسكين بيضة أو طعاما ليشبع جوعه. وعلى كل حال لقد جعل الله سلطانا لصاحب السرقة كما جعل الله سلطانا لولي دم المقتول ظلما، فإما القصاص وإما أخذ الدية والعفو لوجه الله. ولكم شوهتم دين الرحمة للعالمين أيما
تشويه . }
انتهى الاقتباس أعلاه .
************************
رابط البيان هو :
{ - 3 -
الإمام ناصر محمد اليماني
21 - 08 - 1428 هـ
03 - 09 - 2007 مـ
04:21 صباحاً
ـــــــــــــــــــــ
المزيد من التفصيل لأبي النّور وغيره من المسلمين ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمدٍ رسول الله وجميع الأنبياء والمرسَلين من قبله وآلهم وأتباعهم في الأوّلين وفي الآخرين ثم، أمّا بعد..
يا أبا النّور، نوّر الله دربك وشرح صدرك وعظّم قدرك وأقام لك يوم القيامة وزناً، وأفتيك في كلمة المحصنات وأنت تعلم من قبل أن أفتيك بأنّها تخصّ المتزوجة وكذلك تخصّ العفيفة الشريفة الطاهرة التي أحصنت فرجها كما أمر الله ورسوله لمن أراد الزواج أن يظفر بذات الدين ترِبت يداه، وهُنّ اللاتي يحصن فروجهن من الزنى.
ولي سؤال عليك الإجابة عليه: هل تجد في القرآن بأنّ على العفيفة حدّ أنزله الله بسبب عفتها؟ وأعلم جوابك بأنّك ستقول: "حاشا لله"، ومن ثم أقول لك: فهل قال الله العفيفة والعفيف فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة؟ سبحانه! بل قال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾} [النور]، إذاً كيف يحصر علماء الدين قوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:25]؟ فهل تجدون على التي أحصنت فرجها حدّاً في القرآن؟ فهل هذا جزاؤها لأنّها أحصنت فرجها ولذلك تجلدون الأَمَة الزانيّة المُحصنة بالزواج بنصف ما على العفيفة؟ فأين حدّ العفيفة يا مسلمين حتى تجلدون الأَمَة بنصف ما عليها من العذاب؟ فإذا زنت فقد انتفت تلك الصفة ولا يُطلق عليها المُحصنة لأنّها لم تُحصن فرجها بل يُطلق عليها الزانيّة، إذاً يا قوم إنّما يقصد الله من قوله: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} أي المُتزوجات، وإنمّا جاءت هذه الآية لكي تبيّن لكم قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٨﴾} [النور].
فتُبيِّن الآيةُ أنّ العذاب هو المائة الجلدة، وتُجلد الأَمَة المحصنة بالنصف من ذلك، إذاً كيف يُنصّف الرجم يا قوم؟ وإن قلتم إنمّا يقصد نصف ما على المحصنات غير المتزوجات. فنقول: ولكن أبا النّور صادق في تأويله بأنّ لفظ المُحصنة يُطلق على المتزوجة وعلى التي أحصنت فرجها فكيف تجعلون لها حدّاً بأن تُجلد الأَمَة بنصف ما على العفيفة؟ وأكرر فأقول: فهل هذا جزاء عفتها أن تجعلون لها حدّاً وبعد أن تزني المرأة فلا يطلق عليها هذه الصفة الحميدة؟ فتدبّروا الآية جيداً يا معشر علماء الأُمَّة: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، فانظروا ما يقول: {نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} أي: المتزوّجات الزانيات. فهل أنتم مُنتهون فتحكمون بما أنزل الله؟ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون الفاسقون الكافرون.
ويا أبا النّور نوّر الله قلبك، فأمّا بالنسبة لقولك ما علاقة الزنى بقول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٣٣﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وكان تعليق أبا النّور بقوله: ما علاقة ذلك بالزنى والآية لم تذكره؟ فنقول:
يا أبا النّور، إنّما أستنبط لكم من هذه الآية حُكماً شاملاً في حدود الله بأنّ الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم ولم تكن عليهم شبهةٌ ولا تهمةٌ ولا مطاردةٌ عبر الإنتربول الدولي أو غير ذلك بل إنّه قد تاب إلى الله متاباً من قبل أن تقدروا عليهم.
ولربّما يفهم فتوانا آخرون على نحو خطأً فيقولون: "بأنّ المُطارَد إذا اشتدّ عليه الخوف فعليه أن يأتي للجهات المُختصّة ليعترف لهم فيرفع عنه الحدّ نظراً لفتوى الإمام ناصر اليماني". فنقول: هيهات هيهات... بل يُقام الحدّ عليه فوراً، وإنمّا يقصد الله {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وهم الذين تابوا إلى الله متاباً ولم تعلم الجهات المُختصة أيّ شبهة ضدهم؛ بل تفاجأوا بالأمر من لسان الجاني.
فهنا برهان التوبة الحقّ، ويُرفع عنه الحدّ سواء حدّ قتل أو حدّ سرقة أو حدّ زنى أو أي حدّ من حدود الله، غير أنّه لا يُرفع عنه حقّ البشر المادي فعليه إن كان قاتلاً أن يُسلّم الدِيَة إلى أولياء المقتول، وليست دِيَة الخطأ بل ديّة القتل عمداً، وإن كانت سرقة فليعِد المسروقَ إلى أهله، وذلك برهان التوبة على الواقع لو كنتم تعلمون.
وكانت حجتك علينا يا أبا النّور أنّ الزنى لم تتطرّق إليه هذه الآية. فنقول: إنمّا أستنبط لكم حكم الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم بأن لا تقيموا عليهم حدود الله بعد أن غفر الله لهم وتقبّل توبتهم، كمثل المرأة التي يقولون: [بأنّها تابت بين يدي رسول الله، ثم قال لها: اذهبي وضعي حملك ثم عودي. فعادت بعد وضع حملها. ومن ثم قال: اذهبي فأرضعيه حولين كاملين فأرضعته حولين كاملين ثم عادت بين يدي رسول كما يقولون وفي يده كسرة خُبز، ومن ثم أخذ طفلَها من يدها ودفعه إلى أحدِّ الصحابة ومن ثم قام برجمها هو وصحابتُه]! وقاتل الله المُفترين على محمد رسول الله وصحابته الأبرار الذين معه قلباً وقالباً، فكيف يرجمون هذه المرأة ويخالفون أمر ربّهم؟ إذ أنّه قد عفى عمّن تاب من قبل أن تقدروا عليه وعلّمه بأن له ربّاً غفوراً رحيماً لمن تاب وأناب وليس خوفاً من الحدّ وعقاب البشر بل خوفاً من الله الواحدّ القهّار.
وإنّ هذه الآية من المُحكمات الواضحات البيّنات بأنّ الله قد رفع الحدّ عمّن تاب من قبل أن تقدروا عليه، وعلى المسلمين أن لا يقيموا الحدّ عليه من بعد الغفران وتقديم البرهان بالتوبة إلى الرحمن من قبل أن يقدر عليه أخيه الإنسان، فتدبّروا القرآن حُجّتي عليكم والسلطان لأهل الإيمان كيف تحوّل غضب الرحمن بسبب التوبة برغم شدّة غضبه الذي ترونه من خلال الآية قبل ذكر التوبة حتى إذا جاء ذكر التوبة فإذا الأمر تحوّل إلى رحمةٍ وعفو وغفران، فتدبّروا: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٣٣﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
فإن لم تُصدّقني يا أبا النّور فأتِ بسلطانٍ من القرآن لإثبات حدّ الرجم، وإنّك لن تستطيع ولا جميع علماء الأُمَّة فليس للباطل برهانٌ في القرآن وما خالف القرآن فهو من عند غير الله؛ من شياطين الجنّ والإنس لو كنتم تعلمون، فاحكموا بما أنزل الله لعلكم تفلحون يا معشر المسلمين، واتّبعوني أهدِكم صراطاً مستقيماً.
وأظنّ الشمس سوف تدرك القمر في رمضان الآتي إذا شاء الله فتصومون قبل يوم الخميس لعلكم تعقلون بأنّه حقا أدركت الشمس القمر وأنتم عن الحقّ معرضون، وسلامٌ على أبي النّور، وسلامٌ على جميع المسلمين، والسلام علينا وعلى جميع عباد الله الصالحين، وسلامٌ على المرسَلين والحمد للهِ ربِّ العالمين..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني .}
____________
وكذلك رابط البيان
{ الرابط: https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=235535
العنوان: بيان التعزير والتشهير، وبيان حدّ السارقين بالخفية، وبيان حدّ النّهابين المتقطعين للمسافرين ..
- 1 -
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصليّة للبيان ]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=235525
الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 11 - 1437 هـ
28 - 08 - 2016 مـ
01:16 مساءً
ــــــــــــــــــــ
بيان التعزير والتشهير، وبيان حدّ السارقين بالخفية، وبيان حدّ النّهابين المتقطعين للمسافرين ..
بِسْم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله المكرمين، وآلهم المطهرين وجميع المؤمنين في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أمّا بعد..
قال الله تعالى: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ﴿٤٤﴾ فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ﴿٤٥﴾ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴿٤٦﴾ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٧﴾ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ﴿٤٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [الطور].
والله الذي لا إله غيره إنّ عذاب الله لآتٍ في هذه الأمّة فيرسله الله على الظالمين من السماء والأرض، ولسوف يبدو لكم من الله ما لم تكونوا تحتسبون، ولقد أعلنتُ لكم وأسررتُ لكم إسراراً، وحذّرتكم أنّ الله غضِب لكتابه الذي أبيتُم أن تحتكموا إليه فيما كُنتُم فيه تختلفون.
وربّما يودّ أحد عامة المسلمين أن يقول: "وما يدرينا أنّك أنت المهديّ المنتظَر! فلَكَم ادّعى شخصيّة المهديّ المنتظَر كثيرٌ من الشخصيّات؛ أكثر من ثلاثين كذاباً وكلّاً منهم يقول إنّه المهديّ المنتظَر، ولذلك نظنّ أنّك لستَ إلا على شاكلتهم يا ناصر محمد اليماني، ولذلك يجب عليك أن تعذر عامة المسلمين كوننا منتظرين إذا صدّق العلماء أنّك المهديّ المنتظَر صدّقناك واتّبعناك، وإن كذّبوا كذّبناك". فمن ثمّ يردّ المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني: بئس العقول عقولكم وبئس العلماء علماؤكم الذين لا يفرّقون بين البعير والحمير ولا يفرّقون بين التعزير والتشهير، فوالله الذي لا إله غيره إنّ الفرق بين المهديّ المنتظَر الحقّ وبين مدّعي شخصيّة المهديّ المنتظَر باطلاً وافتراءً هو كالفرق بين جملٍ بعيرٍ بين ثلاثين من الحمير! فهل لا تستطيعون أن تميّزوا البعير من بين مجموعة الحمير؟ فكذلك علماؤكم الذين تنتظرون تصديقهم حتى تتبعوا، فكذلك لا فرق لديهم بين التعزير والتشهير برغم أنّ الفرق عظيمٌ بين التعزير والتشهير، فَلَو تسألون كافة علمائكم وتقرأون كتيّباتهم لوجدتم أنّ التعزير حدٌّ من حدود الله يقام على المفسدين في الأرض. فمن ثمّ يقيم عليكم المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني الحجّة من محكم كتاب الله لتعريف التعزير، فتجدون الله يفتيكم أنّ التعزير هو شدّ أزر الأنبياء وأئمة الكتاب، فكيف تجعلون ذلك حدّاً على المفسدين في الأرض؟ فهل أنبياء الله في نظركم مفسدون في الأرض؟ ألم يأمركم الله بتعزيرهم؟ وتجدون فتوى الله في محكم كتابه في القرآن العظيم في آياتٍ بيّناتٍ لعلماء الأمّة وعامة المسلمين في آياتٍ بيناتٍ لا يكفر بها إلا الفاسقون، فهل تستطيعون يا كافة علماء المسلمين وعامتهم أن تنكروا بأنّ التعزير في محكم الكتاب هو شدّ الأزر وليس إقامة حدّ التعزير؟ بل تجدوه العكس تماماً! ويفتيكم الله أنّ التعزير هو شدّ الأزر نصرةً لأنبيائه. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٨﴾ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الفتح].
وكذلك اللهُ أمَرَ كلّ أمّةٍ أن تعزّر رسولهم الحقّ من ربهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ ۖ ۚ﴿١٢﴾ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ} صدق الله العظيم [المائدة:12-13].
فانظروا ليوسف القرضاوي الذي يسمّي حدّ الرّجم حدّاً تعزيريّاً ويقول: "إنّه قد حكم به النبيّ بادئ الأمر كونه كان في الشريعة اليهوديّة". وَيَا سبحان الله! بل حدٌّ يهوديٌّ موضوعٌ مفترى في دين محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولم ينزّل اللهُ حدَّ الرجم بالحجارة حتى الموت؛ بل ذلك حدٌّ في حكم الطاغوت جاء به الشيطان الرجيم ليتمّ تطبيقه على الذين يرتدّون عن عبادة الطاغوت والأصنام إلى عبادة الله الحقّ، ثم حكم الطاغوت عليهم بالرجم بالحجارة حتى الموت. ولذلك قال الله تعالى في قصة أصحاب الكهف؛ قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴿٢٠﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
فالسؤال الذي يطرح نفسه: فهل تحكمون بحكم الطاغوت الشيطان الرجيم؟ فذلك حكمٌ جاء به الشيطان الطاغوت وأمر أولياءه أن يطبّقوا حدّ الرجم على من ارتدّ من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، فوالله إنكم لتحكمون بحكم الشيطان وتذرون حكم الرحمن في محكم القرآن.
وأما التعزير فلا أجده في كتاب الله أنّه حدودٌ جزائيّة؛ بل العكس تماماً هو دعوةٌ من الله أنْ تقرضوه لشدّ أزر رُسله وأئمة الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ ۖوَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ﴿١٢﴾ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ} صدق الله العظيم.
وقال الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٨﴾ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الفتح].
فكيف تجعل التعزير حدّاً جزائيّاً يا قرضاوي؟ بل الحدّ الجزائيّ هو التشهير بالقاتل من بعد تنفيذه عليه بالصلب، فمن ثمّ يُدفن جثمانه في القبر وأما رأسه فيُمَلَّحُ ويُعلّق بالشارع العام ليكون عبرةً لمن يعتبر للذين يقتلون الناس ظلماً وعدواناً، ويُسمّى ذلك تشهيراً وليس تعزيراً، كون التعزير هو شدّ الأزر وأمّا التشهير فهو أن تشهّروا حدود الله للذين أقمتم عليهم حدَّ الله إذا لم يعفُ وليّ الدّم لوجه الله.
وكذلك حدّ السرقة فتُقطّع أيديهم بالضرب من المعصم؛ أي الكف ليدٍ واحدةٍ حتى تقطر بالدم من السوط، ولا يقصد الله أن تقطعوا أيديهم بقصّها؛ بل الجروح في كفّ السارق الأيسر فقط، وذلك بالجلد حتى تقطر يده دماً كما سوف نوضحه من بعد التمكين.
وبالنسبة للذين ينهبون الناسَ أموالهم في السبيل، فذلك نهبٌ أعظم من السَّرقة الخفيّة كونه يرافقه قهرٌ عظيمٌ للمنهوب الضعيف، فحكم الله في الكتاب أن تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ، أي تقطّع بالجَلد من الجروح حتى تقطرَ يده اليسرى وحَفَا قدمه من الأسفل، فلا يقصد الله أن تقصّوا أيديهم وأرجلهم؛ إذاً فكيف إذا سرق مرةً أخرى فماذا تقطعون اليد الأخرى، أم الرجل الأخرى!! إذاً فكيف يزيل نجاسة الأذى؟ وكيف يتوضأ؟ وكيف يشتغل لأولاده من بعد التوبة والردْع، ولا ولن تستطيعوا أن تقولوا أنّ الله يقصد في قصة النسوة اللاتي قطّعن أيديهن أنّه قَصُّ أيديهن، كون النسوة لم يقصصن أيديهنّ حين رأين يوسف؛ {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّصدق الله العظيم [يوسف:31]، ويتبيّن لكم إنّما يقصد الله أنّهنّ جرحْن أيديهن بالسكاكين؛ أي جروحٍ ولا يقصد قَصّ اليد.
وعلى كلّ حالٍ لسوف نترك المزيد من التفصيل في حدّ السرقة وقطع السبيل كونه أنواع على قدر الجريمة، فمنهم الذين همّوا وتمّ القبض عليهم وهم قطّاع سبيلٍ إلا أنّهم لم يفعلوا شيئاً بعد، فأولئك حدّهم النفي من الأرض، ولا يقصد الله أن تنفوهم فوق قومٍ آخرين فسوف يفسدون في أرضهم؛ بل يقصد الله بالنفي من الأرض أي من الشارع العام إلى السجن بين أربعة حيطانٍ بحسب جزائه زمناً معلوماً، وذلك ردعٌ له حتى لا يعود لما فعل، وإن عاد فيضاعف الحدّ الجزائيّ باستثناء حدّ الزنى بالتّراضي بين الزاني والزانية مائة جلدةٍ على حدّ سواء في كلّ مرة إلا قاطع السبيل المغتصب فمائتي جلدة، فتقطّع أيديهم وأرجلهم من خِلافٍ فمائة لتقطّع كفّ يده اليسرى ومائة لتقطّع حفا قدمه الأيمن كون حدّ المرأة المغتصبة يرفع عنها ويضاف إلى المغتصب، إلا من اغتصب طفلةً فماتت فهنا حدّه الصلب فيفصل رأسه عن جسده فيعلّق رأسه للتشهير في الشارع العام للعظة والعبرة. ولا يزال لدينا الكثير من التفصيل في حدود الله للمفسدين في الأرض لمنع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان.
ولا تستوي السرقات، فليس سارق السيّارة كمن يسرق بيضةً، وكذلك قد جعل الله لصاحب السرقة سلطان حقِّ العفو إن أراد أن يعفو لوجه الله، وإن أبَى أن يعفو صاحب البيض عن بيضته وتبيّن أنّ سارقها كان مسكيناً جائعاً فحتى ولو لم يعفُ عنه صاحب البيضة فلا يجوز أن يُقام حدّ السرقة على المسكين ويعطى ثمن البيضة من بيت مال المسلمين، كون للمسكين حقٌّ في بيت مال المسلمين.
وكذلك سرقة الطعام الجاهز من قبل المساكين ليُشبعوا جوعهم فيتمّ التحقيق في قضية السرقة فإن تبيّن أنهم مساكين لا يجدون ما يأكلون فهنا لا يجوز إقامة حدّ الله عليه؛ بل يُعطى قيمة الطعام من بيت مال المسلمين. ولو كانت هناك عدالةً في مصارف بيت مال المسلمين ورحمةً لَما سرق المسكين بيضةً أو طعاماً ليُشبع جوعه. وعلى كلّ حالٍ لقد جعل الله سلطاناً لصاحب السرقة كما جعل الله سلطاناً لولي دم المقتول ظلماً، فإمّا القصاص وإما أخذ الديّة والعفو لوجه الله. ولَكَمْ شوّهتم دين الرحمة للعالمين أيُّما تشويهٍ!
وأمّا الذين يقطعون السبيل فلم يَحِل الله قتلهم إلا في حالةِ أنّهم قتلوا أحداً في السبيل، فهنا يتمّ القبض عليهم، وحكم القصاص بالسيف، فيحكم الحاكم بقطع عنقه إلا أن يعفو ولي الدم. وإن قاوم المفسدون في الأرض أمن البلاد والعباد فهنا تتمّ محاربتهم وقتلهم حتى ولو لم يكونوا قتلةً، فما دام قاتلوكم فقاتلوهم، وإن سلّموا أنفسهم فيأخذ كلٌّ منهم حكمه الجزائيّ بالحقّ حسب ذنبه من غير ظلمٍ. وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
خليفة الله في الأرض يقول فصلاً ويحكم عدلاً بما أنزل الله؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني. }
_______________
انتهت الاقتباسات أعلاه ...