بسم الله الرحمن الرحيم


اقتباس المشاركة 36862 من موضوع سلسلة حوارات الإمام في منتديات أشراف أونلاين..

- 29 -
الإمام ناصر محمد اليماني
21 - 02 - 1432 هـ
27 - 01 - 2011 مـ
01:45 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ


البيان الحقّ ونفي الشفاعة في قول الله تعالى:
{ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} صدق الله العظيم ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع الأنصار الأبرار في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين..
قال الله تعالى:
{
ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴿١٠} صدق الله العظيم [التحريم]، ولكن الذين لا يعلمون يُحرفون الكَلِمَ عن مواضعهِ المقصودة، وإلى البيان الحقّ:

حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ عن المثل المقصود به في هذه الآية، فهو نفي الشفاعة إلى الذين يزعمون بشفاعة الأنبياء بين يدي الله، ولذلك ضرب الله مثلاً امرأة نبيّ الله نوح وامرأة نبيّ الله لوط. وقال الله تعالى:
{
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} صدق الله العظيم، فانظروا لقول الله تعالى {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} فبرغم أنّهما أنبياء ولكنّهم لم يُغنيا عنهما من الله شيئاً فيشفعان لهما من النار، ولذلك قال الله تعالى: {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} صدق الله العظيم، إذاً المثل هو لنفي الشفاعة يا معشر الذين يعتقدون بشفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود وهو أرحم الراحمين، فكيف يشفع من هو أدنى رحمةً من الله بين يدي الله أرحم الراحمين؟ فهذا يتنافى مع صفات الربّ ولكن أكثركم تجهلون.

وأمّا حجتكم بقول الله تعالى:
{
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٢٦} صدق الله العظيم [النور]، ويحتج أبو حمزة الزهراني بقول الله تعالى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٢٦}، ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: كما قال أبو حنيفة رحمة الله آنَ للإمام المهديّ أن يمد رجليه، فيا عجبي الشديد من هذا القول! فهل امرأة نبيّ الله نوح وامرأة نبيّ الله لوط عليهما الصلاة والسلام اللتان خانتاهما ليستا من الخبيثين أصحاب النار؟ الجواب تجدونه في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّـهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٣٧} صدق الله العظيم [الأنفال].

وأما بالنسبة لخيانة امرأة نوح وامرأة لوط عليهما الصلاة والسلام فسوف نستنبطها من محكم الكتاب، أفلا تعلم أنه لو كان الابن من أهل نبيّ الله نوح عليه الصلاة والسلام إذاً لذكره الله أنه من أهله ولو كان من المُغرقين كما ذكر الله امرأة لوط عليه الصلاة والسلام أنها من أهله؟ فانظر لقول الله تعالى:
{وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم [الصافات].

فتجدون أن امرأة لوط من أهله كونها زوجته فهي من أهله، ولذلك قال الله تعالى:
{إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾}، ولم تحمل من خيانة الزنى شيء كونها عجوزٌ عقيمٌ وارتكبت الفاحشة وهي من القواعد من الحيض. ولذلك قال الله تعالى: {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم.

وبما أنّ امرأة نوح عليه الصلاة والسلام إما أنه طلقها كونه اكتشف أنها امرأة غير صالحة فطلقها ولم تعد في عصمته أو أنها ماتت من قبل الغرق. المهم أنّي لم أجدها باقية في عصمته حين الغرق ولذلك لم يستثنِها كما استثنى امرأة لوط في قول الله تعالى:
{إذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم.

وبما أن امرأة نوح عليه الصلاة والسلام حملت من غيره بسبب خيانتها وبقي الولد الذي ولدته له بسبب فاحشة الزنى ولم يكن من أهله، ولذلك لم تجد أنّ الله استثناه فيقول: إلا ابنه كان من المغرقين بل لم يستثنِه أنّه من أهله كونه ليس ولده، ولذلك قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴿٧٨﴾ سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴿٧٩﴾ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٠﴾ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿٨١﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [الصافات].

ولو كان من أهله لاستثناه أنّه من أهله حتى ولو كان من المغرقين كما استثنى امرأة لوط عليه الصلاة والسلام في قول الله تعالى:
{وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم [الصافات].

وأما بالنسبة لقول الله تعالى:
{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} صدق الله العظيم [هود:42]، فذلك حسب ظنّ نوح عليه الصلاة والسلام أنه ابنه ولم يفتِه الله بعد أنه ليس ابنه؛ بل لم يعلم أنه ليس ابنه إلا بعد فتوى الله إليه حين سأل الله له النجاة. وقال الله تعالى: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحقّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴿٤٥﴾ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [هود].

وكذلك فتوى الله الأخرى أنّه نجَّى أهل نبيّ الله نوح ونجَّى ذريته جميعاً ولم يستثنِ منهم أحداً بالغرق. ولذلك قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم.

فما خطبكم تتركون فتوى الله إليكم في آيات الكتاب المحكمات في قلب وذات الموضوع وتذهبون إلى آيات أُخَرْ ليست في ذات الموضوع لكي تفسِّروها على أهوائكم أفلا تتقون؟ ويا عجبي ممن أظهرهم الله على هذا الحوار وأراهُم كُثُر ولم يُدْلوا بشهادتهم للحقّ من ربهم! أم إنّهم من أمثال أبو حمزة الزهراني ومن كان على شاكلته قد جعل الله آيات الكتاب البيّنات عليهم عمىً، وذلك مصير الذين تأخذهم العزّة بالإثم. تصديقاً لقول الله تعالى:
{
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴿٥٧} صدق الله العظيم [الكهف].

فلماذا هذا الجدل العقيم أفلا تتقون؟ أفلا ترون أني أُجادلكم بآيات الكتاب البيّنات لعالِمكم وجاهلكم في قلب وذات الموضوع لا يعرض عنها إلا الفاسقين؟ تصديقاً لقول الله تعالى:
{
وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴿٩٩} صدق الله العظيم [البقرة].

والسؤال الذي يطرح نفسه: ألم يجادلكم الإمام ناصر محمد اليماني بآياتٍ بيناتٍ في قلب وذات الموضوع؟ وإني سائلكم بالله العظيم يا معشر الباحثين عن الحقّ، أليست هذه من الآيات البيّنات في قول الله تعالى:
{رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحقّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴿٤٥﴾ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} صدق الله العظيم، أي لا تحزن فإنه ليس من ذريتك، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [الصافات].

إذاً يا قوم فلا شكّ ولا ريب أنّ امرأة نوح عليه الصلاة والسلام خانت زوجها حتى أنجبت له ولداً ليس من ذريته ولذلك ذكر الله خيانتها وامرأة لوط في آيةٍ محكمةٍ في قول الله تعالى:
{ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴿١٠} صدق الله العظيم [التحريم].

وأما المثل الذي تضربونه فقد بيّناه بالحقّ أنه برهان للإمام ناصر محمد اليماني على نفي الشفاعة من العبيد بين يدي الربّ المعبود فبرغم أنّ امرأة نوح ولوط عليهم الصلاة والسلام كانتا من أصحاب النار، فلم تجدوا أنهم أغنوا عنهن من الله شيئاً، وذلك هو المثل المقصود للذين كفروا أن أقرباءهم لن يغنوا عنهم من الله شيئاً، ولذلك قال الله تعالى:
{فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} صدق الله العظيم، فما خطبكم تحرفون كلام الله عن مواضعه المقصودة وماذا دهاكم أفلا تتقون؟

وأما بالنسبة لليماني فلم أفتِ بأني سوف أشفع للعبيد بين يدي الربّ المعبود وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين؛ بل علَّمناكم عن سرّ الشفاعة أنها ليست كما تزعمون أنّه يتقدم العبد بين يدي الربّ المعبود طالباً منه الشفاعة لأحد! سبحان الله العظيم! بل العبد الذي سوف يحقق الشفاعة إنما يحاجّ ربه بالقول الصواب في تحقيق النعيم الأعظم من جنة النعيم. تصديقاً لقول الله تعالى:
{
وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢} صدق الله العظيم [التوبة].

كونه اتخذ رضوان الله غايةً وليس وسيلةً لتحقيق النعيم الأصغر بمعنى أنه يريد أن يرضى الله في نفسه وكيف يتحقق ذلك؟ حتى يدخل عباده في رحمته، ولذلك قال الله تعالى:
{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦} صدق الله العظيم [النجم].

إذاً العبد الذي أَذِنَ الله له بالخطاب لم يسأل ربه الشفاعة، وإنما الشفاعة لله وحده تشفع لهم رحمته من عذابه كونه أرحم الراحمين يا من لم يقدروا الله حق قدره، وإنما العبد يخاطب ربه في تحقيق النعيم الأعظم من جنته فيرضى في نفسه، فإذا رضي في نفسه تحققت الشفاعة للعبيد من الربّ المعبود، وبما أنّ العبد الذي أذن الله له بالخطاب بالقول الصواب خاطب ربه سائلاً إياه أن يحقق النعيم الأعظم من جنته فيرضى، ولذلك قال الله تعالى:
{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦} صدق الله العظيم، فانظروا لقول الله تعالى: {وَيَرْضَى}، إذاً سرّ الشفاعة في تحقيق اسم الله الأعظم وليس لله اسم أعظم من اسم سبحانه! بل يوصف اسم الله بالأعظم كونه النعيم الأعظم من نعيم جنة النعيم، ولذلك قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢} صدق الله العظيم [التوبة].

ونعود لقول الله تعالى:
{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦}، فتذكروا قول الله تعالى {وَيَرْضَى} أي ويرضى في نفسه، فهنا تأتي الشفاعة من الله وحده. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٢٣} صدق الله العظيم [سبأ].


إذاً يا قوم إنّ الشفاعة لله وحده لا شريك له. تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ﴿٤٣﴾ قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

بمعنى أنّ رحمته تشفع لهم من عذابه، وإنما العبد الذي أذن الله له بالخطاب يحاجّ الله في تحقيق النعيم الأعظم؛ ذلكم الهدف الذي خلق الله الخلق من أجله وهو: "أن يعبدوا رضوانه على عبيده ولذلك خلقهم ليعبدوا رضوان الله على عباده". تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الجنّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} صدق الله العظيم [الذاريات:56].

ولذلك تجدون الإمام المهديّ يناضل من أجل تحقيق هذا الهدف ليجعل الله الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ لتحقيق النعيم الأعظم، ولا تزال الأمم مختلفين في عصر بعث الأنبياء جميعاً ولم يجعل الله الناس أُمّةً واحدةً ولكنكم تعلمون أنّ ذلك الهدف سوف يتحقق في عصر بعث المهديّ المنتظَر الذي تجهلون قدره ولا تحيطون بسره وإنما سوف يهدي الله الناس جميعاً فيجعلهم أُمّةً واحدةً رحمةً بعبده الذي اتخذ رضوان الله غايةً وليس وسيلةً لتحقيق جنة النعيم والحور العين، وكيف يرضى الله إلا بتحقيق هدي الأُمة جميعاً وذلك جزء من تحقيق الهدف أن يهدي الله الأمّة كلها فيهديهم بالإمام المهديّ إلى صراط العزيز الحميد جميعاً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّة واحدة وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿١١٩﴾} صدق الله العظيم [هود].

وإلى البيان الحقّ حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ. فأما البيان لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً}، فسوف تجدون البيان في قول الله تعالى: {
وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٩٣} صدق الله العظيم [النحل].

أي لو يشاء الله أن يهدي الأمّة جميعاً بقدرته فلا يعجزه ذلك شيئاً. وقال الله تعالى:
{
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [يونس].

وجعل الله لطلب الهدى من الربّ هو أنّه على العبد أن ينيب إلى ربّه ليهدي قلبه إلى الحقّ. وقال الله تعالى:
{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} صدق الله العظيم [الشورى:13].

ولكنّ الله يهدي من يشاء الهدى من عباده، ويضلّ من يشاء الضلالة، وإنما سوف يهدي الله الأمّة في عصر بعث المهديّ المنتظَر بآية الدخان المبين من السماء مما يسمونه الكوكب العاشر فتظل أعناقهم من هولها لخليفة الله خاضعين، فيؤمن الناس جميعاً تصديقاً لوعد الله لخليفته بالحقّ:
{
إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴿٤} صدق الله العظيم [الشعراء].

فما هي هذه الآية التي وعد الله بها من السماء تجعلهم مؤمنين بالحقّ من ربهم ولخليفته خاضعين؟ فسوف تجدونها في قول الله تعالى:
{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الدخان]، فهنا تحقق هدي الناس بآية العذاب الأليم. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [يونس].

ولكنهم لا يزالون مختلفين في عصر بعث الأنبياء جميعاً، فلم يجعل الله الناس أمّةً واحدةً؛ بل فريقاً هدى الله وفريقاً حقت عليه الضلالة تصديقاً لقول الله تعالى:
{
فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٣٠} [الأعراف].

وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى:
{
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨} [هود]، فذلك في عصر بعث الأنبياء فهم لا يزالون مختلفين فريقاً هدى الله وفريقاً حقت عليه الضلالة. وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّـهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿٣٦} صدق الله العظيم [النحل].

وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨} صدق الله العظيم؛ أي فريقاً هدى الله وفريقاً حقت عليه الضلالة، ولكن الله استثنى بعث الإمام المهديّ الذي يناضل لتحقيق الهدف من خلقهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّة واحدة وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم [هود:118-119].

بمعنى أنّه في عصره سيهدي الله به الأمّة جميعاً فيهديهم رحمةً بعبده كونه يعبد رضوان الله غاية {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم، فذلك سرّ الإمام المهديّ المنتظَر الذي تجهلون قدره ولا تحيطون بسره.

ويا عجبي الشديد من أمّةٍ يؤمنون أنّ الله جعل الإمام المهديّ المنتظَر إماماً لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم عليهم الصلاة والسلام ومن ثم يُحقِّرون من شأن الإمام المهديّ المنتظَر ويحرِّمون عليه حتى أن يُعرَّفهم على شأنه فيهم! ولم يحرّم عليكم الإمام المهديّ أن تنافسوه في حب الله وقربه سبحان الله العظيم فهو ربّي وربّكم وما أنا إلا عبدٌ من عبيد الله الصالحين أنافس العبيد إلى الربّ المعبود في حبه وقربه كمثل الذين هدى الله من عباده يتنافسون إلى ربّهم أيهم أحبّ وأقرب. تصديقاً لقول الله تعالى:
{
يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57].

ألا والله الذي لا إله غيره لن يرضى من أشرك بالله من المسلمين أن ينافس أنبياء الله في حبه وقربه أبداً؛ بل سوف يقول النصارى: "وكيف ننافس ابن الله المسيح عيسى ابن مريم؟". ويقول المسلمون: "كيف ننافس محمد رسول الله في حب الله وقربه؟ بل هو الأولى بالله منا أن يكون هو أحب وأقرب! ألا ترى أننا نسأل الله له الوسيلة عند كل صلاة! ولم نسألها لأنفسنا؟". ومن ثمّ يردّ عليهم الإمام المهديّ وأقول: ولكن الله أمركم أنتم أن تبتغوا إليه الوسيلة لتنافسوا عبيده جميعاً في حبه وقربه ولم يجعلها حصرياً للأنبياء من دونكم سبحانه وتعالى علواً كبيراً. وقال الله تعالى:
{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} صدق الله العظيم [المائدة:35].

وعلَّمكم الله بهدي الأنبياء ومن تبعهم بالحقّ. وقال الله تعالى:
{يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57]، فإذا كنتم تحبون الله فلماذا لم تتبعوا محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتنافسوه في حبه وقربه بل تركتم له الوسيلة إلى الله من دونكم؟ فمن يجيركم من عذاب الله يا معشر المشركين بالله. وقال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦} صدق الله العظيم [يوسف]، ولم يأمرهم أنبياء الله أن يحصروا لهم الوسيلة إلى الله من دونهم؛ إذاً فأنتم تعبدون أنبياءكم من دون الله وتزعمون أنهم شفعاؤكم من دون الله، وخاطب الله أنبياءه يوم القيامة وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨﴾ فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].

ولم يأمركم المهديّ المنتظَر بتعظيمه إن هو إلا عبدٌ من عبيد الله أمثالكم
ولم يتخذ الله صاحبةً ولا ولداً
حتى يكونَ اللهُ أحقَّ به منكم، أفلا تتقون؟ وقال الله تعالى: {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢} صدق الله العظيم [المؤمنون].

فهل تحبون الأنبياء أكثر من الله؟ فلماذا لا تنافسوهم في حبّ الله وقربه إن كنتم تحبون الله؟ فلمَ تعظمونهم بغير الحقّ ولم يأمرهم الله أن يأمروكم بتعظيمهم إلى الله فتجعلونهم خطاً أحمرَ، أفلا تتقون؟ بل أمرهم أن يكونوا من ضمن المسلمين أمثالكم فلكم من الحقّ في ذات الله ما لأنبيائه ورسله، أفلا ترون ما أمر به الله نبيّه أن يكون من ضمن المسلمين ولم يأمركم بتعظيمه إلى الله فتجعلون له الوسيلة من دونكم، وقال الله تعالى:
{
فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٧٢} صدق الله العظيم [يونس]؟

وكذلك الإمام المهديّ لم يأمركم بتعظيمه من دون الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً فلستُ ولد الله بل عبد من عبيد الله، وليس لي من الحقّ في ذات الله إلا ما لكم كونه ربي وربكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيم، أفلا تتقون؟ وما كان للإمام المهديّ ولا لجميع أنبياء الله ورسله أن نأمركم بحصر الوسيلة لأحدٍ من عبيد الله جميعاً؛ بل نأمركم أن تكونوا ربانيين فتكونوا من ضمن العبيد المتنافسين إلى الربّ المعبود فلا يجتمع النور والظلمات، فلم يبعثنا الله لنبلغكم أن تعظموننا من دون الله ونعوذ بالله جميعاً أن نكون من المشركين. وقال الله تعالى:
{
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّـهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴿٧٩} صدق الله العظيم [آل عمران].

فكيف السبيل لهداكم يا قوم؟ فاتبعوني أهدكم صراطاً سوياً وما دعوة الإمام المهديّ إلا كمثل دعوة الأنبياء والمرسلين أن اعبدوا الله ربي وربكم فنتنافس جميعاً في حب الله وقربه من غير تفضيلٍ لأحدٍ من عبيد الله جميعاً فتجعلونه خطاً أحمرَ بينكم وبين الله، أفلا تؤمنون؟ أليس الله هو الأولى بحبكم الأعظم إن كنتم به مؤمنين؟ وإنما أَحِبُّوا أنبياءَه والمهديّ المنتظَر من أجل الله وليس معنى ذلك أنكم تحبوننا أكثر من الله فتتركون الله لنا فلا تنافسونا في حبه وقربه، ألا والله لم يجرؤ أحدٌ من جميع الأنبياء والمهديّ المنتظَر أن يحرّم عليكم أن تنافسوه في حب الله وقربه، أفلا تعلمون أن صحابة محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا ينافسونه في حب الله وقربه، ولذلك أمر الله نبيّه أن يصبر نفسه معهم؟ وقال الله تعالى:
{
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿٢٨} صدق الله العظيم [الكهف].

واعلم أن بياني هذا سوف يغضب الذين قال الله عنهم في محكم كتابه:
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦} صدق الله العظيم [يوسف]، ولكني نطقت بالحقّ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر كما أمر الله به جدّي من قبل. وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿٢٨﴾ وَقُلِ الحقّ من ربّكم فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [الكهف]. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

ويا أيها الذي يفتي أن الإمام المهديّ ( قرآني ) إنك لَغَوِيٌّ مبين، ولم يجعلني الله من القرآنيّين الذين يفسّرون القرآن كمثلكم على أهوائهم من عند أنفسهم؛ بل ومن كفر بسنة محمد رسول الله الحقّ فقد كفر بالقرآن العظيم كون السُّنة إنما تأتي لتزيد آيات في الكتاب بياناً وتوضيحاً، وهل نهيتكم إلا عمّا وجدتموه مخالفاً لمحكم كتاب الله في السُّنة النبويّة؟ فاعلموا أنّ ما خالف لمحكم كتاب الله في أحاديث السُّنة النبويّة فاعلموا أنّ ذلك الحديث مفترى على الله ورسوله، أفلا تعقلون؟ وإنما أدعوكم للاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم كون القرآن العظيم هو المحفوظ من التحريف والتزييف ولذلك جعله الله المهيمن على التوراة والإنجيل والسُّنة النبويّة ولذلك أدعو علماء المسلمين والنصارى واليهود إلى الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم فما خالف لمحكمه في التوراة والإنجيل والسُّنة النبويّة فهو مفترى من عند غير الله إن كنتم تعقلون، أفلا تنظرون أن القرآن العظيم هو الوحيد المحفوظ من التحريف والتزييف على مرّ البشر والعصور نسخةً واحدةً موحدةً في العالمين؟ فهل تنتظرون المهديّ المنتظَر يدعو البشر للاحتكام إلى كتاب البخاري ومسلم الذي لدى السُّنة والجماعة أو كتاب بحار الأنوار لدى الشيعة؟ فما أشدّ كفركم بهذا القرآن رسالة الله للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم.

ألا والله لن أتبع أهواءكم ما دمت حياً فكونوا على ذلك من الشاهدين على أنفسكم، وإنما أنا الإمام المهديّ جعلني الله الحكم بالحقّ بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فإن وجدتم أني أصدق القرآنيين في نفي الرجم ولكني أخالفهم في مواضيع أخرى، وكذلك إن صدقت الشيعة في عدم رؤية الله جهرة ولكني أخالفهم في مواضيع أخرى، وكذلك إن صدقت أهل السُّنة والجماعة في مواضيع ولكني أخالفهم في أمور أخرى وبرغم أن أهل السُّنة والجماعة الافتراء لديهم أكثر من الشيعة، ولكني أعتبرهم أقل شركاً من الشيعة ممن يدعون الأئمة من دون الله، ولا أبرئ من الشرك أحداً من المسلمين إلا الذين يتقون ربهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيع. تصديقاً لقول الله تعالى:
{
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٥١} صدق الله العظيم [الأنعام].

ولكنكم تنتظرون ولياً وشفيعاً من دونه فكيف لا أصفكم بالمشركين؟ ولو كنتم لا تزالون على الهدى لما جاء قدر المهديّ المنتظَر المقدور في الكتاب المسطور، وها أنا أحاوركم في هذا الموقع المحايد فلنحتكم إلى كتاب الله القرآن العظيم إن كنتم به مؤمنين، ولئن أقمتم على الإمام المهديّ الحجّة منه ولو في نقطةٍ واحدةٍ فعلى جميع أنصاري في مختلف دول الأقطار التراجع عن اتباع المهديّ المنتظَر، وهيهات هيهات... فوالله الذي لا إله غيره لا تستطيعون أن تغلبوا الإمام المهديّ من القرآن العظيم ولو كان بعضكم لبعض ظهيراً، فليس تحدي الغرور ولسوف تعلمون.

وللأسف فكلما أنذركم الله بشيء من العذاب ثم تجأرون إليه فيكشف ما بكم لعلكم تشكرون فتتبعون الحقّ من ربّكم فإذا أنتم في طغيانكم تعمهون وتقولون إنما هي كوارث طبيعية، قاتلكم الله أنى تؤفكون! وقال الله تعالى:
{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٥﴾ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴿٧٦﴾ حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].

وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين ..
خليفة الله وعبده الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_______________
اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..