الإمام ناصر محمد اليماني
ــــــــــــــــ


وسأل سائل فقال:
وردت بعض روايات أهل السنة بأن اسم والد الامام المهدي المنتظر بــ (( عبدالله )) فكيف واسم أبيكم محمد؟
_______________


اقتباس المشاركة :
لقد نقل بعض محدّثي أهل السنّة حديثاً عن ابن مسعود، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال « المهدي يواطئ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي »، وفي رجلاً ـ وفي بعضها «لا تذهب الدنيا ـ أو: لا تقوم الساعة ـ حتّى يبعث الله رجلاً ـ وفي بعضها: حتّى يملك الناسَ رجل ـ من أهل بيتي يواطئ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي» (1).
ونلاحظ في هذا المجال عدّة أمور جديرة بالتأمّل:
1 ـ روى هذا الحديثَ بعض محدّثي أهل السنّة عن ابن مسعود نفسه، كما في مسند أحمد وفي عدّة مواضع، وفيه: ( واسمه اسمي ) فقط (2).
2 ـ روى البعض الآخر من محدّثي أهل السنّة ـ كالترمذي في سُننه ـ هذا الحديث عن ابن مسعود، وفيه ( واسمه اسمي ) فقط، ثمّ قال الترمذي: وفي الباب: عن عليّ، وأبي سعيد، وأم سلمة، وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح (3). فلهذا الحديث بهذا اللفظ أسانيد أخرى ترجع إلى كلّ هؤلاء الصحابة ـ غير ابن مسعود ـ تتفّق في خلوّها من زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ).
وقد حذا أكثر الحفّاظ حذو الترمذي، فقد أخرج الطَّبراني هذا الحديث في معجمه الكبير عن ابن مسعود من طرق كثيرة أخرى بلفظ « اسمه اسمي » (4). وأخرج الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» الحديث المذكور عن ابن مسعود بلفظ « يواطى اسمه اسمي » فقط، ثمّ قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه (5)، وتابعه على ذلك الذهبي في تلخيص المستدرك، ورواه البَغَوي في « مصابيح السنّة » عن ابن مسعود دون هذه الزيادة، وصرّح بحُسن الحديث (6).
وصرّح المقدسي الشافعي بأنّ أئمّة الحديث لم يرووا تلك الزيادة، فقال ـ بعد أن أورد الحديث عن ابن مسعود بدون الزيادة ـ: أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم، منهم: الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه، والإمام أبو داود في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي، والشيخ أبو عمرو الداني، كلّهم هكذا ». أي بدون زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ) ثمّ أخرج المقدسي الشافعي جملة من الأحاديث المؤيّدة له، مُشيراً إلى من أخرجها من الأئمة الحفّاظ كالطبراني، وأحمد بن حنبل، والترمذي، وأبي داود، والبيهقي، عن عبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عمر، وحذيفة (7).
ولا يمكن تعقّل اتّفاق هؤلاء الأئمّة الحفّاظ على إسقاط هذه الزيادة (واسم أبيه اسم أبي) لو كانت مرويّة حقّاً عن ابن مسعود.
3 ـ استقصى الحافظ أبو نعيم الاصفهاني ( ت 430 هـ ) في كتابه «مناقب المهدي» طرق هذا الحديث عن عاصم بن أبي النجود، عن ابن مسعود، حتّى أوصلها إلى 31 طريقاً، ولم يُرْوَ في واحد منها عبارة ( واسم أبيه اسم أبي )، بل اتفّقت كلّها على رواية ( اسمه اسمي ) فقط. وقد نقل نصّ كلامه الكنجي الشافعي ( ت 638 هـ ) في كتابه « البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السّلام » ثمّ عقّب على ذلك بقوله:
ورواه غير عاصم، عن زَرّ ـ وهو عمرو بن حرّة ـ عن ابن مسعود، كلّ هؤلاء روَوا ( اسمه اسمي )، إلاّ ما كان من عُبيد الله بن موسى، عن زائدة، عن عاصم عن ابن مسعود، فإنّه قال فيه « واسم أبيه اسم أبي » ولا يرتاب اللبيب بأنّ هذه الزيادة لا اعتبار لها مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها (8).
انتهى الاقتباس

ومن ثم يحكم بينهم المهدي المُنتظر بالحقّ وأقول: إن الحديث الحق هو:
[ يواطئ اسمه اسمي ].

ومن ثم أثبتنا من القرآن البيان الحقّ للتواطؤ أنّهُ التوافق وليس التطابق مُطلقاً، ولو كان التواطؤ هو التطابق إذاً لوجدنا السَّنة العِبريّة تُطابق السَّنة الهجريّة القمريّة التي تبدأ بمُحرم فتنتهي في ذي الحجة، ولكن أوّل الأشهر الحُرم ولحكمة إلهية يكون أول الأشهر الحُرم هو رجب وبينه وبين الأشهُر الحُرم الأخرى شعبان ورمضان وشوال، ومن ثم يأتي ثاني الأشهُر الحُرم وهو ذو القعدة ومن ثم ذو الحجّة، ومن ثمّ الشهر الأول للسَّنة الهجريّة ليكون الأخير في الأشهر الحُرم، فهنا واجه الذين يريدون الفساد مُشكلةً في عدة ما حرّم الله وهو شهر مُحرم، فإن جعلوا السنة الكفريّة تُطابق السنة القمريّة فحتماً ستنتهي في شهر ذي الحجة ثالث الأشهر الحُرم وبقي لديهم شهر مُحرم فهم لا يستطيعون أن يجعلوه أول الأشهر الحُرم لأنهم يعلمون إنّه الأخير، مما أجبرهم ذلك أن يجعلوا سنتهم تزيد عن اثني عشر شهراً لكي يواطئوا شهر مُحرم، فيكون هو الشهر الأخير في سنتهم فتنتهي خلاله حتى يقيموا عيد رأس السَّنة فيحِلُّوا فيه ما حرّم الله.

إذاً المُشكلة لديهم ليست في شهر رجب ولا شهر ذي القعدة ولا ذي الحجة؛ بل هي في شهر مُحرم لكونه أوّل السَّنة الهجريّة وآخر الأشهر الحُرم، ولذلك اضطرّوا إلى الزيادة لينالوا شهر مُحرم الحرام لكون الأشهر الثلاثة الأولى مضمونة لو يجعلون سنتهم تطابق السَّنة االهجريّة، فهم حتماً سيضمنون شهرَ رجب وذي القعدة وذي الحجّة ولكن بقي لديهم شهر مُحرم الحرام ولذلك اضطروا إلى الزيادة ليواطئوا عدّة ماحرم الله وهو شهر مُحرم الحرام، أي أنهم يريدون أن يوافق الشهر الأخير في السنة الكُفريّة الشهر الأول للسنة الهجريّة ليحلّوا فيه مناسباتهم الشركيّة بما حرم الله كمثل عيد رأس السَّنة.

ويا أخي الكريم، سبقت فتوانا بالحقّ بأنّه لو كان المقصود بالتواطؤ هو التطابق لما كانت هُناك زيادة شهر؛ بل سوف يجعلون السنة الكًفريّة تُطابق السنة القمريّة، ولحكمة إلهية فرّق الأشهر الحرم فجعل الشهر لكي يزيد الذين كفروا كفراً فيضطرون إلى الزيادة لأن ما دام شهر مُحرم الحرام هو الأخير في الأشهر الحُرم فلن يطولوه، ولو جعلوا السنة الكُفرية تُطابق السَّنة القمريّة لكونها سوف تنتهي في شهر ذي الحجّة ولذلك اضطروا للزيادة لكي يواطئ عدة الشهر الرابع وهو شهر محرم الحرام.

وعلى كُل حال تبيّن لكم أن التواطؤ ليس التطابق مُطلقاً بل هو التوافق، وأنتُم على ذلك لمن الشاهدين بأنكم تقصدون بقولكم تواطأ فلانٌ مع فلانٍ أي اتَّفق فلانٌ مع فلانٍ ولم تقصدوا بقولكم تواطأ فلانٌ مع فلانٍ بأنَّه تطابق فلانٌ مع فلانٍ، فلِمَ تحريف لُغتكم ياقوم وأنتم تعلمون؟
وخلاصة الأمر أنّكم تعلمون أن التواطؤ هو التوافق، وبما أنك تؤمن أن التواطؤ كذلك يعني التوافق فعليه يوجه المهدي المُنتظر ناصر مُحمد إلى ابن العلاء هذا السؤال وهو:
فهل وجدتم أنّ الاسم
(مُحمد) يوافق في الاسم (ناصر مُحمد) وجعل الله التوافق للاسم مُحمد في اسمي في اسم أبي أم إنكم تُنكرون أن اسمي (ناصر مُحمد)؟ إذاً الاسم مُحمد يوافق في اسمي، وإنما جعل الله نُقطة التوافق في اسمي للاسم مُحمد هي في اسم أبي وفي ذلك حكمةٌ بالغةٌ لكي يحمل الاسم الخبر وراية الأمر، وذلك لأن الله لم يبتعث المهدي المُنتظر نبياً ولا رسولاً بل يبعثه ناصرَ مُحمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وبذلك تنقضي الحكمة البالغة من التواطؤ، ولكنكم جعلتُم التواطؤ هو التطابق برغم أنّكم تعلمون أنّ في اللغة العربية لا ينبغي أن يكون التواطؤ هو التطابق، وذلك لأنه لا يصح أن تقول: (فلان تطابق مع فلانٍ بقتل فلان) بل تقول: (فلان تواطأ مع فلانٍ لقتل فلانٍ).
إذاً التواطؤ هو التوافق وليس التطابق أخي الكريم.


وسلامٌ على المُرسلين ، والحمدُ لله رب العالمين..
خليفة الله الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.

الصراط______________________________ المستقيم
(((( الناصر لكتاب الله وسنة رسوله الحق الإمام ناصر محمد اليماني))))