- 9 -
الإمام ناصر محمد اليماني
06 - 04 - 1430 هـ
01 - 04 - 2009 مـ
02:58 صباحاً
ــــــــــــــــــ
حسبي الله على الذين يصدّون عن الحقّ صدوداً ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين والتّابعين للحقّ إلى يوم الدين..
ويا علم الجهاد طريد وقبيله نسيم وأولياءهم أجمعين، سوف يستمر الحوار ولن أحجب عضوياتكم وأجتثكم من الموقع كشجرةٍ خبيثةٍ اُجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، فلا نزال تاركين هذه الشجرة الخبيثة في موقعنا غير أنّني أُفتيكم إمّا أن تكون الشجرة الخبيثة هي الطريد وأولياؤه أو تكون الشجرة الخبيثة هي ناصر محمد اليماني وأولياؤه، فلا بُدّ أن يكون أحدنا على الحقّ والآخر على الباطل. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} صدق الله العظيم [سبأ:24].
بمعنى أنّه لا بُدّ أن يكون أحدنا على الحقّ والآخر على الباطل، وبما أنّي عفوت عنكم لمواصلة الحوار فأما أبناء النّاس منكم فسوف يجُدي العفو معهم ويؤثّر على قلوبهم فلا يعودون لأخطائهم الأولى بالسبِّ والشتم بغير الحقّ لأنّهم يرون أنّه (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، وأمّا الشياطين من البشر فمهما عفوتَ عنهم فلن يزيدهم عفوك عنهم إلا تكبّراً وغروراً؛ أولئك هم شياطين البشر ألدُّ أعداء المهديّ المنتظَر. وبرغم ما حدث منهم هذا اليوم من التجاوزات والتّطاول على أنصاري بغير الحقّ والمُغالطة فسوف أكظمُ غيظي وأكتفي بحذف بياناتهم التي تُعبِّر عن مستوى أخلاقهم، ولم أحجبهم بعدُ لكي يستمر الحوار بشرط أن نتجادل بعلمٍ وسلطانٍ، وبعد أن نصل إلى مُنتهاه فإذا لم يُقنع أحدنا الآخر فسوف أدعو نفسي وأنصاري وكذلك علم الجهاد طريد وأنصاره ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الظالمين الذين يصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً سواء كان علم الجهاد طريد وأولياؤه أو ناصر محمد اليماني وأولياؤه، ونترك الحُكم لله خير الحاكمين. ومن تهرّب من المُباهلة من بعد انتهاء الحوار فليعلم الجميع أنّه يعلمُ نفسه أنّه على باطلٍ، ويعلمُ نفسه أنّهُ يصدّ عن سبيل الله ويبتغيها عوجاً، ولذلك سوف يراوغ ويتهرب من المُباهلة لأنهُ يعلمُ أنّهُ يصدّ عن الحقّ بعدما تبيّن له أنّهُ الحقّ من ربّه، ولذلك لن يتقدم للمُباهلة سواء كان الإمام ناصر محمد اليماني وأولياؤه أو علم الجهاد وأولياؤه، والحُكم لله وهو أسرعُ الحاسبين.
وأما بالنسبة للذي لا يزال يُحاجّني في رؤية الله جهرةً ولم يكتفِ بصوت ربّه يُكلمه من وراء حجاب تكليماً يوم القيامة؛ بل ويُريد رؤية الله جهرة سُبحان الله وتعالى علوَّا كبيراً، ومن ثم يُرد عليه الإمام المهدي وأقول: يا نسيم هل مُمكن أن تأتينا بالبيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} صدق الله العظيم [مريم:64]؟ فتدبر قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} فتجد أنّ هذه صفة تخصّ الله في ذاته أنّه لا ينسى وهي صفةٌ أزليّةٌ لذات الله سُبحانه ولذلك قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ}. وكذلك يا نسيم قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} صدق الله العظيم [الشورى:51]، بمعنى أنّه وما كان لبشر أن يُكلِّمه الله جهرةً بل وحياً سواءً بوحي التفهيم أو بوحي التكليم من وراء حجاب، فيتبيّن لك أنّ العقيدة في رؤية الله قد أنزل الله حُكمها في مُحكم القرآن العظيم وأنّها صفةٌ من صفات ذات الربّ الأزليّة بديع السماوات والأرض، فانظر إلى صفات بديع السماوات والأرض في قول الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(103)} صدق الله العظيم [الأنعام].
فلماذا يا نسيم قمت بتحطيم حجاب الربّ لتزيل هذه الصفة الأزليّة من بين صفات الربّ سُبحانه وقلتَ: بل تدركه الأبصار يوم القيامة؟ وسبحانه عمّا تقول وتعالى علوّاً كبيراً، ألم يقل الله لك يا نسيم: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(103)} صدق الله العظيم [الأنعام]؟
وما دمتَ كسرت الحجاب واعتقدت أنّه تُدرِكُه الأبصار يوم القيامة جهرةً؛ إذاً جعلت له ولداً وجعلت له صاحبةً! أفلا تتَّقِ الله، وسبق وأن ذكّرتُك بقول الله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} صدق الله العظيم [البقرة:108].
وهل تعلم ماذا سأل بنو إسرائيل موسى من قبل؟ {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:55]، فانظر لردّ الله عليهم: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} صدق الله العظيم، وذلك لأنّهم سألوا شيئاً لا يحِقّ لهم ولا ينبغي لهم. وقال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} صدق الله العظيم [النساء:153].
ويا نسيم، ما ظنّك بمن خلق السماوات والأرض؟ أفلا تعلمُ أنَّ اللهَ أكبرُ كبيرٍ في الوجود؟ فلا يوجد هُناك شيء هو أكبر من الله، وأصغر شيء الذرة وأكبر شيء الشجرة، فهل تعلم ما هي الشجرة؟ إنّها سدرة المُنتهى حجاب الربّ سُبحانه عندها جنّة المأوى، بمعنى أنّ السدرة أعظمُ من الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض، فكيف تكون الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض عند سدرة المُنتهى يا نسيم ما لم تكُن السدرة هي أعظمُ حجماً من الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض؟ بل السدرة هي أقرب شيء من خلقه إلى وجهه سُبحانه ولذلك تُسمى سدرة المُنتهى أي مُنتهى المعراج، فهي الحدود بين العبيد والمعبود خالق الوجود فقد تجاوزت الحدود يا نسيم وتريدُ أن ترى الله جهرةً يوم القيامة فهل نسيم أعظمُ أم جبل الطور الذي ضربه الله لموسى مثلاً؟ وذلك لأنّ موسى لم يطلب من ربِّه رؤيتَه إلا محبةً منه لرؤيتِهِ وليس قلةَ إيمانٍ بربِّه! ولذلك أفتاه الله وقال له: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:143].
فهل تعلم لماذا قال موسى لمّا أفاق: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} وذلك لأنهُ علم أنه تجاوز الحدود المسموحة كمثل قول الملائكة حين تجاوزوا الحدود مع ربهم بمعارضتهم في اصطفاء الخليفة وإبداء رأي آخر في نظرهم وكأنّهم أعلمُ من ربهم ولم يدركوا أنّهم حقاً تجاوزوا حدودهم إلا حين قال الله لهم: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وقد علم الملائكة أنهم تجاوزوا حدودهم من خلال قول الله لهم: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)} صدق الله العظيم، بمعنى أنّهم ليسوا بصادقين فيما قالوا وكأنّهم أعلمُ من ربِّهم، ومن ثم أدرك الملائكة أنّهم تجاوزوا حدودهم ولذلك قالوا مُباشرةً: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)} صدق الله العظيم، وكذلك موسى حين صُعق مما حدث في الجبل الذي تجلّى الله له فلم يحتمل رؤية الله وجعله دكَّاً وخرَّ موسى صعقاً فلما أفاق عَلِمَ موسى أنه تجاوز الحدود، ولذلك قال مباشرةً بعد أن أفاق: {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم. فتدبّر وتفكّر في قول ربك المُحكم في القرآن العظيم: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم،[الأعراف:143].
بمعنى يا نسيم أنّه لا يرى اللهَ جهرةً (الكونُ وما فيه) سُبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً؛ بل يُكلمهم تكليماً من وراء الحجاب فيسمعون صوت ربّهم سُبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً. وكذلك يتنزّل الله وهو وراء حجابه الفاصل وذلك الغمام المذكور في القُرآن العظيم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا} صدق الله العظيم [الفرقان:25].
فهل تعلمُ ماهو الغمام يا نسيم؟ إنه حجاب الربّ سُبحانه. وقال الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} صدق الله العظيم [البقرة:210].
وعليك أن تعلمَ يا نسيم والباحثين عن الحقّ أنّنا سنجد الأحاديث النّبويّة تتّفق مع ما جاء في مُحكم كتاب الله في شأن رؤية الله سُبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً، فتعال للتصديق للتطبيق. فلنبدأ التطبيق للتصديق للسُنّة المحمديّة الحقّ، قال محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصدِّقاً للآيات المحكمات في شأن الرؤية، قال: [لن يرى اللهَ أحدٌ في الدنيا ولا في الآخرة]، صدق محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث الحقّ قد اتّفق مع القرآن المحكم الواضح والبيِّن وصدق رسوله الكريم في قوله: [لن يرى اللهَ أحدٌ في الدنيا ولا في الآخرة].
وكذلك قال محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن رؤية الله: [يهبط وبينه وبين خلقه حجاب] صدق محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ولكنّنا نشاهد نوره سُبحانة يشعُّ من وراء حجاب الغمام فتُشرق الأرض بنور ربها. تصديقاً لقول الله تعالى في محكم كتابه: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّـهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿٢١٠﴾} صدق الله العظيم، وتصديقاً لقول الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴿٦٨﴾وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحقّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
فأنصحك يا نسيم أن لا يكون في قلبك زيغٌ عن الحقّ في آيات أمِّ الكتاب فتتّبع المُتشابه في ظاهره مع أحاديث الفتنة كمثل حديث الفتنة الموضوع: [إنكم سترون ربكم يوم القيامة لا تُضامون في رؤيته]. ومن ثم يقولون لك فانظر لقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴿٢٢﴾إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿٢٣﴾}، وهذه من الآيات المُتشابهات وظاهرها غير باطنها، فهو يقصد أنّها وجوهٌ مُنتظرةٌ لرحمته كمثال قول ملكة سبأ: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}؛ أي مُنتظِرة يا نسيم، وكذلك الوجوه النّاظرة لرحمة ربِّها وأخرى لا تنتظر لرحمة ربها بل ناظرة لعذابه وتظن أن يُفعل بها فاقِرة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)} صدق الله العظيم [القيامة].
وكذلك انظروا إلى الأحاديث المُفتراة في شأن الرؤية وشرُّ البلية ما يُضحك! عن النبي وليس عنه شيئاً بل كذباً وافتراءً:
فبالله عليكم كيف يتّبعون الله، لعبادة منْ وإلى أينَ يتّبعونه؟ فهل جعلتُم اللهَ فاطرَ السماواتِ والأرضَ إنساناً يمشي وأتباعَه يمشون وراءه، أفلا تعقلون؟ وتالله لا يتّبعون إلا المسيح الدجال في الدُنيا يقول اتّبعوني لأدخلكم جنتي! بل كيف قولهم أنّهم يرون الله يوم القيامة ثم يقول المفتري أنّ الله يجمع الناس ثم يقول: [من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها.. إلى أن قال: فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون]!
وهل يعرفون الله من قبل حتى إذا شاهدوا صورته فيعرفونه! أفلا تعقلون؟ فهل إلى هذا الحد لا تستخدمون عقولكم يا معشر المُصدِّقين لهذا الافتراء الذي يخالف كتاب الله وسنة رسوله جملةً وتفصيلاً؟ فهل تريد أن تُباهلَني يا نسيم على هذا الحديث المفترى فتنال لعنة الله بحقّ وحقيقة، ولكنّي والله العلي العظيم لا أريد الله أن يلعنك. فلا تفعل، وأقسم بالله العلي العظيم أنّك يا رجل تُجادل الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ، والعجيب في أمرك أنّك تقول أنّك تتّبع كتاب الله وسنّة رسوله، وها أنا ذا آتيك بالآيات المحكمات من كتاب الله فلا تتّبعهنّ ومن ثم أتيتُك بالأحاديث الحقّ، ولكن إذا كان في قلبك زيغٌ عن الحقّ فحتماً سوف تنبذ المُحكم وراء ظهرك وتتّبع المُتشابه مع أحاديث الفتنة الموضوعة ابتغاء الإثبات للحديث الموضوع وهو حديث فتنة موضوع وكذلك ابتغاء تأويل الآيات المُتشابهات التي لا تزال بحاجة إلى تأويل وتظنّ هذا الحديث الذي تشابه مع ظاهرها أنّه جاء تأويلاً لها برغم أنّه فسَّر الماءَ بالماء فهي مُتشابهة بمعنى أنَّ ظاهرها غير باطنها وتحتاج إلى تأويل ولا يعلم تأويلها إلا الله ويُعلِمُ من يشاء من عباده، فلماذا تعمَدون إلى المُتشابه فتجادلون به وتَذَرون المُحكم الواضح والبيِّن الذي يأتي في نفس وذات وقلب الموضوع بكُل وضوح فينفي عقيدة الرؤية نفياً مُطلقاً؛ لن تراني؟ {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:143].
و صدق الله العظيم فيمن يتّبعون أحاديث الفتنة المُتشابهة مع آياتٍ لا تزال بحاجة للتأويل ويذَرون الآيات المُحكمات في قلب وذات الموضع ولذلك لا تحتاج إلى تأويل. وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:7].
ولكنّك يا نسيم للأسف من الذين لا يُميَّزون بين المُحكم والمُتشابه ويجعلون المُحكم مُتشابهاً والمُتشابه مُحكماً، فتعال لأعلَّمك أنّ الفرق عظيم في التوضيح، وذلك لأنّ الآيات المُحكمات تأتي واضحةً وجليةً في نفس الموضوع وسوف نضع لكم الآيات المُتشابهات والآيات المُحكمات في شأن رؤية الله وسوف تشهدون بأنفسكم الفرق، ونأتي للآيات المُحكمات فلا تجدوها تحتاج إلى تأويل:
1 - قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:143].
2 - قال الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(103)} صدق الله العظيم [الأنعام].
وفي الآيتين المُحكمتين في قلب ونفس وذات الموضوع تجدون النّفيَ المُطلقَ لرؤية الله جهرةً وليس للإنسان فحسب بل تجدون في الآية الأخرى أنّه لا تدركه أبصار الملائكة والإنس والجنّ جميعاً مَنْ في السماء والأرض. تصديقاً لقول الله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} صدق الله العظيم [الأنعام:103]. وهذه صفات الربّ الأزليّة ولا تبديل لصفاته سُبحانه وتعالى علوَّا كبيراً، وأما الآية التي أوردناها في الرّد السابق عليك فزادتك ضلالاً إلى ضلالك وهي قول الله تعالى: {كَلًّا إنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} صدق الله العظيم [المطففين:15].
وهنا حجابُ معرفة الربّ بالبصيرة، ومن كان أعمى عن معرفة الله في الدُنيا فهو كذلك محجوبٌ عن معرفته يوم القيامة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} صدق الله العظيم [الإسراء:72].
وذلك الحجاب بينهم وبين معرفة الحقّ والحقّ هو ربّهم إنّما هو على قلوبهم وليس على أعينهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا (47) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)} صدق الله العظيم [الإسراء].
فانظر يا نسيم إلى البيان الحقّ للحجاب: {جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخرةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا}، فهل معنى ذلك إنهم لا يشاهدون محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظراً للحجاب! بل لا يفقهون نور الحق الذي يخرج من فاهِ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك لن يعرفوا الحقّ، والحق هو الله وذلك الحجاب هو ذاته المقصود يوم القيامة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} صدق الله العظيم [الإسراء:72].
فانظر إليهم في الكتاب تجدهم يوم القيامة يبحثون عن شفعائهم ليشفعوا لهم عند ربّهم. وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿52﴾ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحقّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(53)} صدق الله العظيم [الأعراف:52].
ألا والله لو كانوا يعرفون ربّهم الحقّ لما بحثوا عن الشفعاء بين يديه يوم القيامة، فانظر لرد الله عليهم: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} [القصص:64]، فترى الصّالحين المقرّبين الذين كانوا يدعونهم من دون الله كفروا بعبادتهم ودعائِهم من ربهم. وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)} صدق الله العظيم [يونس:28].
إذاً، هؤلاء لا يزال الحِجاب بينهم وبين معرفة أنَّ الله هو الحقّ موجوداً على قلوبهم يوم القيامة ولذلك تجدونهم حتى يوم القيامة يدعون شركاءهم المقرّبين من ربِّهم من دون الله ليشفعوا لهم عنده؛ أولئك لا يزال الحجاب على قلوبهم يوم القيامة ولذلك لا يعرفون ربهم الحقّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {كَلًّا إنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} صدق الله العظيم [المطففين: 15].
فذرِ المُتشابه لأهل الذكر الراسخين في العلم الذي يعلِّمُهم الله به إذا جادلتموهم بالمُتشابه من القرآن، واستمسِك بالمُحكم الواضح والبيّن إنّي لك ناصح أمين.
يا نسيم، اتّبعني ولا تتّبع علمَ الجهاد (طريد) بل عَلَم الجهاد يعلمُ أنّ الله لا يُرى جهرةً لا في الدُنيا ولا في الآخرة ولكن للأسف عِلْمه كعِلم الشيطان الرجيم، والشيطان عالِمٌ ولكنّه استكبر عن الحقّ وأخذته العزّة بالإثم فلعنه الله بكفره، وكذلك علم الجهاد الطريد.
ولن يستطيع علم الجهاد ولا جميعُ عُلماء شياطين الجن والإنس الذين يرون سبيل الحق فلا يتّخذونه سبيلاً أن يُهيمنوا على المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني بسلطان العلم من القرآن العظيم، وسوف أُلجمهم بمُحكمه إلجاماً، فإن استمسكتم بالمُتشابه وأعرضتم عن المُحكم الواضح والبيّن ففي قلوبكم زيغٌ عن الحقّ، والحُكمُ لله وهو أسرع الحاسبين.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــ